Reuters
سبتمبر 2015
توشك المملكة العربية السعودية، أقدم حليفٍ لأمريكا في الشرق الأوسط، أن تواجه تغييراً تاريخياً في الجيل الذي يتولى دفة الحكم والقيادة. فالملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود (79 عاماً)، الذي جلس على العرش في يناير 2015، عقب وفاة الملك عبد الله، سيكون آخر ملكٍ من جيل القادة الذين بنوا المملكة الحديثة وحولوها من منطقةٍ صحراوية منعزلة وفقيرة إلى قوةٍ إقليمية مزدهرة ومحافظة إلى أقصى درجةٍ وتتمتع بثروةٍ نفطيةٍ هائلة.
إنّ ما يخبئه المستقبل للمملكة يشغل واشنطن بشكلٍ كبير. ففي غضون أشهرٍ من تولي الملك سلمان الحكم، تورط في ما يبدو مستنقع حرب اليمن، وتعامل باستهانةٍ مع الرئيس أوباما، وساند رجال الدين المتشددين الذين يعارضون إدخال إصلاحاتٍ يرى أوباما أنها ضرورية إذا ما كانت السعودية ترغب في أن تظلَّ شريكاً مستقراً للولايات المتحدة. إنَّ تصرفاتٍ من هذا القبيل لا تمثّل بداية واعدة من وجهة النظر الأمريكية. ومع ذلك، لاقت إحدى الخطوات الأولى التي اتخذها الملك ترحيبا كبيراً جداً، ألا وهي تغيير ترتيب الخلافة، حيث أبعد أخاه غير الشقيق، الأمير مقرن بن عبد العزيز، عن ترتيبه في ولاية العرش، وعيَّن أحد أبناء إخوانه، الأمير محمد بن نايف (56 عاماً)، وليَّ عهدٍ جديداَ ووريثاَ للحكم.
سيكون الأمير محمد بن نايف، الأول من جيله لتولي عرش المملكة، هذا إنْ لم يلجأ الملك، بالطبع، إلى إدخال تعديلاتٍ أخرى على تسلسل وراثة الحكم. وفي هذا السياق، إن المسؤولين الأمريكيين يأملون بقاءه في هذا المنصب، حيث أنه هو الشخص المحبوب لدى أجهزة مكافحة الإرهاب والاستخبارات في أمريكا، بعد أن أنجز عدداً من الخدمات التي تهمّ الولايات المتحدة عندما كان نائباً لوزير الداخلية ثم وزيراً للداخلية- وهو المنصب الذي يشرف على جميع المسائل الأمنية الداخلية. وعلى النقيض من والده، الذي سبقه في تولي هذين المنصبين، فهو موالٍ للولايات المتحدة، ومن المؤكد أنّ هذه الموالاة تفوق ما أظهره أيّ عضوٍ آخر في القيادة السعودية من موالاة.
في النظام الملكي السعودي، تُعتبر السلالات غاية في الأهمية. فموقع والدك في الترتيب الملكي هو العامل الرئيسي في تحديد مصيرك. فإنْ كان والدك من سلالة الملك بشكلٍ مباشر، قد تصبح ملكاً. وحيث أن السعوديين لديهم العديد من الزوجات، فإن سلالة الأم أقل أهمية، ولكن هذا الأمر يُؤخذ بالحسبان.
الملك عبد العزيز بن سعود، المعروف في الغرب باسم ابن سعود، هوَ الأب المؤسس للمملكة العربية السعودية في العصر الحديث ووالد كل الملوك الذين تبعوه، وهو من أوصل جيش قبيلته إلى السلطة في الرياض في وقتٍ مبكرٍ من القرن العشرين، وأصبح في ثلاثينيات القرن الماضي سيد شبه الجزيرة العربية من البحر الأحمر إلى الخليج من دون منازع، بما في ذلك المدينتين المقدستين، مكة المكرمة والمدينة المنورة.
تزوج ابن سعود من 22 زوجة على الأقل، وأنجب 44 ابناً معترفاً بهم. ومنذ وفاته في العام 1953، توالى ستة من هؤلاء الأبناء على حكم المملكة من بعده. وكان ابنه الثالث والعشرون، نايف بن عبد العزيز، والد محمد بن نايف، الثاني في ترتيب الخلافة، ولكنه توفي في العام 2012، قبل بضع سنواتٍ فقط من إمكانية أن يخلف الملك عبد الله في الحكم.
وُلد الأمير نايف في العام 1934 بالقرب من الطائف، وتلقى تعليمه في الرياض في ما كان يُسمى "مدرسة الأمراء"، حيث كان أساتذته رجال دينٍ من المذهب الوهابي، وهو مذهبٌ سُني يسيطر على المملكة. ويُذكر بأن التحالف بين آل سعود والوهابيين يعود إلى حوالي ثلاثة قرون، إلى بداية حكم السعوديين. ففي العام 1744 التحق واعظٌ متجول ومتدين يُدعى محمد بن عبد الوهاب بقوات رأس الأسرة السعودية حينذاك، محمد آل سعود، لإنشاء أول مملكة سعودية. وفي حين تولى السعوديون القيادة السياسية والعسكرية، تولى محمد بن عبد الوهاب وذريته القيادة الدينية والشرعية. وكان محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه ينشرون نسخة متزمتة وطائفية عن الإسلام تحثّ على العودة إلى أصوليةٍ حرفية وإلى عدم التسامح تجاه أي انحرافٍ عن آرائهم المتشددة لما يعتقدون أنه الدين الأصلي الذي دعا إليه النبي محمد.
في وقتٍ مبكرٍ من القرن التاسع عشر، عندما كانت الإمبراطورية العثمانية منهمكة بالتصدي لغزو نابليون لمصر وفلسطين، شنَّ السعوديون حملة للاستيلاء على أراضٍ من الامبراطورية. وشنّت جيوشهم القبلية حملات على مناطق تشكّل العراق حالياً، ونهبت المدينة الشيعية المقدسة كربلاء. ثم توجّهت هذه القوات غرباً واحتلت مدينتيْ مكة المكرمة والمدينة المنورة، وعملت على تطهيرهما من رموز الحكم العثماني وأي رموز وجدها الوهابيون منحرفة عن معتقداتهم. وكانت معظم دول العالم الإسلامي في ذلك الوقت تنظر إلى السعوديين وحلفائهم من رجال الدين على أنهم مجموعة من المتعصبين والمغتصبين، بشكلٍ مماثل من بعض النواحي لنظرة عامة المسلمين هذه الأيام إلى الدولة الإسلامية. واتسعت مساحة أراضي هذه الدولة السعودية الأولى في ذروة عهدها إلى أكبر مما هي عليه اليوم، ولكن لم يستمر حكمها سوى لفترة وجيزة. وعندما لحقت الهزيمة بالفرنسيين، أرسل العثمانيون الجيوش إلى شبه الجزيرة العربية لاسترداد المدينتين المقدستين، ومن ثم قاموا بتدمير العاصمة السعودية في الدرعية، الكائنة على مقربةٍ من مدينة الرياض اليوم. وفي وقتٍ لاحقٍ، تمَّ نفي السعوديين وإبعادهم إلى الكويت، ولم يتمكنوا من استئناف سلطتهم على شبه الجزيرة العربية إلَّا حين تولى ابن سعود قيادة جيشه القبلي وأخرجه من المنفى، واستردَّ مدينة الرياض، وأنشأ المملكة السعودية الثالثة، التي استمرت حتى هذا اليوم – تماماً كقوة الوهابيين.
إنّ تحالف الوهابيين مع العائلة المالكة يسمح لهم بالإشراف على المجتمع السعودي وفرض القانون والعادات الإسلامية، وهذا ما يفعلونه الآن، جزئياً، بالتعاون بشكلٍ وثيق مع وزارة الداخلية، التي تعدّ حليفهم الأكثر أهمية في الحكومة. وفي العام 1970، عندما كان الأمير فهد، شقيق الأمير نايف، وزيراً (للداخلية)، عيَّن الأمير نايف نائباً له. وفي العام 1975، عندما أصبح الأمير فهد ولياً للعهد، بعد أن اغتيل أخوهما الأكبر الملك فيصل على يد أميرٍ ساخطٍ غاضب بسبب إدخال التلفزيون إلى المملكة، تولى الأمير نايفٌ منصب وزير الداخلية خلفاً للأمير فهد.
وكوزيرٍ للداخلية، ذاع صيت الأمير نايف كشخصٍ رجعي متعنت. وربط نفسه بشكلٍ وثيق جداً بالعناصر الأكثر تزمتاً من رجال الدين، وعارض الإصلاح والتغيير، ورفض مطالب بمنح المزيد من حرية التعبير، وواصل معاملة الأقلية الشيعية – ( حوالي 10 بالمئة من سكان المملكة ويقطن معظمهم في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط ) – كمواطنين من الدرجة الثانية، ولم يُبدِ التسامح مع أي نوعٍ من التنمية إلاَّ على مضض. وعندما سُئل الأمير نايف لماذا يعارض الإصلاحات التي ستضع المملكة على طريق التحول إلى ملكية دستورية، أجاب، وهو الذي كانت عينه ترنو للجلوس على العرش: "أنا لا أريد أن أكون مثل الملكة إليزابيث" . وكانت سياسات الأمير نايف متطرفة جداً، بحيث أنه أصبح يُلقب بالأمير المتشدد (أو الأمير الأسود) بين جالية كبيرة من المغتربين الغربيين العاملين في المملكة.
وفي نوفمبر 1979، شهدت المملكة تحدياً كبيراً لشرعية العائلة المالكة السعودية وحكمها. فقد قامت عصابة من المتطرفين الإسلاميين، ممن يعتقدون أن نهاية العالم المروعة قد حان آوانها، بالسيطرة على المسجد الحرام في مكة المكرمة. وهو المسجد الأهم في العالم، حيث توجد الكعبة المشرفة بداخله، وهي أقدس موقع في الإسلام، والتي يُعتقد أنها أول بيتٍ بُني للعبادة.
وبعد أسابيع من القتال العنيف من قبل قواتٍ من وزارة الداخلية والحرس الوطني السعودي، وبمساعدةٍ من قواتٍ خاصة فرنسية جندتها العائلة المالكة سراً وبمواد كيميائية قاتلة، استطاعت العائلة إقناع رجال الدين الوهابيين بالسماح باستخدامها في المسجد الحرام، تمكنت الحكومة من هزيمة المتطرفين. ولكن تعرضت الحكومة لكثيرٍ من الإحراج، عندما اتضح خلال استجواب الجناة أن العديد منهم كانوا معروفين لدى وزارة الداخلية. وحتى أن بعضهم كان قد اعتقل قبل الهجوم على المسجد، ولكن جرى الإفراج عنهم بناءً على توصية من كبار رجال الدين المقربين من الأمير نايف.
ومع ذلك، نجا الأمير المتشدد من اللوم بسبب هذا الهجوم. وبدلاً من ذلك، كان أمير مكة المكرمة، وهو أحد الأمراء السعوديين الأكثر ليبرالية، كبش فداءٍ، في مثالٍ آخر على النمط الملكي المألوف لاسترضاء رجال الدين وحلفائهم المقربين على حساب الإصلاحيين.
أدخلت أحداث مكّة الخوف إلى قلب العائلة المالكة ودفعتها لتكون أقرب من المؤسسة الوهابية من ذي قبل. فأبطأت من حركة الإصلاح، وزادت من الدعم المقدم للقضايا الإسلامية المسلحة في بلدانٍ أخرى. وعلى وجه الخصوص، قام السعوديون –( مع الكثير من المساعدة من الولايات المتحدة) - بتسليح المجاهدين الأفغان ودعمهم في محاربة الغزو السوفياتي لبلادهم بين الأعوام 1979 إلى 1989.
وقد جرى تكليف الملك سلمان الحالي، الذي كان آنذاك أمير الرياض، بجمع الأموال للمجاهدين من أفراد العائلة المالكة ومن غيرهم من السعوديين الأثرياء. وقد تمكن من تحويل عشرات الملايين من الدولارات للمجاهدين، وبعد ذلك فعل الشيء نفسه لدعم قضايا المسلمين في البوسنة وفلسطين. وفي وقتٍ لاحق، عندما أسس أسامة بن لادن تنظيم القاعدة، كان واضحاً بشكلٍ جلي بطء الأمير نايف في إدراكه أن تنظيم القاعدة يشكل تهديداً للمملكة. فقد كان على علاقةٍ ودية مع بن لادن أثناء الحرب الروسية الأفغانية، عندما كان هذا الأخير متحالفاً مع المجاهدين، وكان يُنظر إليه على أنه يركز حصراً على هزيمة السوفيات. وكان الأمير نايف يعتقد أن سمعة تنظيم القاعدة كمنظمةٍ إرهابية هي نتاج الدعاية الأمريكية، كما كان على يقينٍ من أن تنظيم القاعدة لا يشكل تهديداً حقيقياً للمملكة. وهذا وهمٌ لم يساوره هو وحده بل العديد من أفراد العائلة المالكة.
وعندما حذر جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ومسؤولون استخباراتيون أمريكيون الأمير نايف من أن القاعدة قد أوجدت بُنية تحتية سرية واسعة داخل المملكة، شكّك بصحة الأمر، لأنه طالما كانت لديه شكوك في دوافع الولايات المتحدة في المنطقة. وبصفتي مستشار الرئيس كلينتون لشؤون الشرق الأوسط، فقد تعاملت بشكلٍ مكثف مع الأمير نايف خلال هذه الفترة. لقد كان ودياً في تعامله، ولكن غير متعاون في كثيرٍ من الأحيان. وعندما فجّر الإرهابيون الشيعة قاعدة سلاح الجو الأمريكي في أبراج الخبر في الظهران في العام 1996، مما أسفر عن مقتل 19 عسكريا أمريكياً ، كان الأمير نايف متردداً في تبادل المعلومات مع الأمريكيين عن الجناة وصلاتهم بإيران. وادعى أنه يخشى أن تستخدم واشنطن المعلومات لتبرير عملٍ عسكري ضدَّ إيران، مما سيجرّ المملكة إلى حرب. ولكني شعرت أن السبب الحقيقي هو أنه، أساساً، من المناهضين للولايات المتحدة.
بقي الأمير نايف على موقفه يتجاهل التحذيرات بشأن تنظيم القاعدة، إلى أن أصبح تجاهل التهديد الذي يطرحه هذا التنطيم أمراً مستحيلاً. وكان الأمير محمد بن نايف هو من تولى قيادة المعركة ضدّ تنظيم القاعدة.
على غرار الكثيرين من أبناء جيله من العائلة المالكة السعودية، التحق محمد بن نايف بمدرسة في الولايات المتحدة، وتلقى الدروس في كلية لويس وكلارك في بورتلاند، أوريغون، ولكنه لم يحصل على درجة علمية. ولتهيئته لخلافة والده في وزارة الداخلية، درس في مكتب التحقيقات الاتحادي في أواخر الثمانينيات، وفي معهد مكافحة الإرهاب في سكوتلاند يارد بين عاميْ 1992 و 1994. في تلك الفترة تقريباً، حين كنت ضابطاً أولاً في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) مختصاً في شؤون الشرق الأوسط، بدأ نجم محمد بن نايف يصعد كشخصٍ يمكنه تحقيق الكثير من الإنجازات.
وفي وقتٍ لاحق، بصفتي المساعد الخاص للرئيس كلينتون لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي، رافقت نائب الرئيس آل غور إلى المملكة خلال جولةٍ لنا في الشرق الأوسط في مايو 1998. وخلال زياراتنا للرياض، التقينا بكلٍ من الأب الأمير نايف والابن محمد بن نايف. ولم نعلم إلّا في وقتٍ لاحق أن وزارة الداخلية كانت قد أحبطت مؤامرة لتنظيم القاعدة لمهاجمة قنصلية الولايات المتحدة في جدة بينما كان نائب الرئيس في لقاءٍ هناك مع ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله.
شكلت المؤامرة التي حاكها بن لادن ضدّ آل غور استثناءً لتوجهه العام، فهو كان يتفادى القيام بأعمال عنفٍ داخل المملكة. ولما كانت البُنية التحتية لتنظيم القاعدة داخل المملكة العربية السعودية قد وفرت له عدداً كبيراً من المجندين ودعماً مالياً وفيراً، حرص بن لادن على إبقاء كل ذلك خارج الرادار التابع لوزارة الداخلية. ويُعزى جزء من نجاحه الكبير إلى عدم إدراك نايف لما يدور من حوله.
ثم جاءت أحداث 11 سبتمبر، حاملةً معها أخباراً تفيد أن 15 من الخاطفين الذين كانوا على متن الطائرات التي تم اسقاطها في الولايات المتحدة كانوا سعوديين. ولكن العقول حتى في ذلك الحين كانت بطيئة في التغير واستيعاب ما يجري. وحتى شهر ديسمبر 2002، كان نايف، على غرار الكثيرين في العائلة المالكة، لا يزال غير مقتنعٍ بأن تنظيم القاعدة قد أنشأ قاعدة له داخل حدود المملكة، وأصرّ على أن الخاطفين السعوديين كانوا مجرد "مغفلين ينفذون مؤامرة صهيونية" - رغم حقيقة أن اثنين منهم، وفقاً لمصادر سعودية، قد سبق وشاركا في المؤامرة لمهاجمة آل غور.
أما بن نايف، فكان مسألة مختلفة. مع حلول العام 2001، كان محمد بن نايف قد أصبح شخصية مهمة تحظى باحترامٍ كبير في أمور الحرب على الإرهاب. وكان قد شغل قبل عامين منصب مساعد وزير الداخلية. وبتوليه هذا المنصب، تنفس المسؤولون الأمريكيون الصعداء، حيث أسندت إليه إدارة معظم الأعمال اليومية بدلاً من والده. وكان ذلك من حسن حظ السعوديين، لأن بن لادن كان على وشك تحويل انتباهه إلى وطنه. وبعد أحداث 11 سبتمبر وبعد أن أطاح الأمريكيون لاحقاً بحركة طالبان –( التي كانت تستضيف تنظيم القاعدة في أفغانستان )- أمر بن لادن الخلايا السرية لتنظيم القاعدة داخل المملكة العربية السعودية ببدء العمليات ضدَّ النظام الملكي وحليفه الأمريكي.
في 14 فبراير 2003، الذي صادف عيد الأضحى، أصبحت نوايا بن لادن في المملكة العربية السعودية واضحة لا لبس فيها. فقد أصدر رسالة صوتية بعنوان "بين فرقة من الفرسان"، متهماً آل سعود بخيانة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وبالوقوف إلى جانب البريطانيين والصهاينة في تلك الآونة. والآن تعطي العائلة المالكة، كما قال، المساجد وغيرها من الأماكن المقدسة للصليبيين الأمريكيين وتتواطأ سراً في مؤامرة مع "اليهود والأمريكيين" لخيانة فلسطين وإنشاء "إسرائيل الكبرى" في المنطقة. وإذ توقّع أن يتم استخدام القواعد الجوية الأمريكية في المملكة لشن جزء من الغزو على العراق الذي بات وشيكاً على حدّ قوله، أطلق بن لادن على أفراد العائلة المالكة السعودية وعلى حلفائها في الكويت والبحرين وقطر لقب "الخونة".
تعرضت المملكة لأول هجوم كبير في 12 مايو 2003، في مجمعٍ في الرياض حيث كان يقيم خبراء عسكريون أجانب يعملون مع القوات المسلحة السعودية. وشارك أكثر من اثني عشر مسلحاً من إرهابيي القاعدة بالسيارات المفخخة والأسلحة الصغيرة في ذلك الهجوم الذي أسفر على الأقل عن مقتل ثمانية أمريكيين، وأستراليين اثنين، والعديد من الغربيين الآخرين، فضلاً عن عددٍ من حراس الأمن السعودي. وكانت هذه الضربة الأولى ضمن ما أصبح بعد ذلك حملة إرهابٍ ضد العمال الأجانب في المملكة ومضيفيهم السعوديين. وكان روبرت جوردن، سفير الولايات المتحدة في الرياض حينذاك الذي ضغط على السعوديين لعدة أشهرٍ لأخذ تنظيم القاعدة بجديةٍ أكبر، قد أطلق على هجوم مايو اسم "بيرل هاربر" السعودية.
ومباشرة بعد هجوم مايو، حضر جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية في إدارة الرئيس كلينتون في آخر عهده وخلال السنوات الأولى لعهد الرئيس جورج دبليو بوش، إلى المملكة لمقابلة ولي العهد الأمير عبد الله، الذي كان الوصي والمسؤول الأول الفعلي في المملكة لثماني سنوات تقريباً، بعد أن أصيب الملك فهد بسكتة دماغية. وكان تينيت قد خاطب ولي العهد ووفقاً لما ورد في مذكراته التي تحمل عنوان، في قلب العاصفة، قائلاً: "يا صاحب السمو الملكي، إن هدف تنظيم القاعدة الآن هو عائلتك ووضع حدٍ لفترة حكمها. لقد تمّ إعداد عناصر تنظيم القاعدة لاغتيال أعضاء من العائلة المالكة ولمهاجمة أهداف اقتصادية رئيسية." وأضاف محذراً السعوديين: "لدينا معلومات دقيقة في ما يتعلق بالتخطيط. والخطة موجّهة ضد عائلتك." وتمكن تينيت من إقناع عبد الله ومحمد بن نايف بأن الخطر كان حقيقياً.
كان تينيت يعتبر محمد بن نايف أقرب شريكٍ لوكالة الاستخبارات المركزية في محاربة القاعدة والمسؤول الأساسي الذي سيضع حداً للتهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة لآل سعود بين عامي 2003 و 2006. وفي هذا السياق، قال تينيت إنّه "الأهم من بين الأشخاص الذين تحدثت إليهم. فهو شاب نسبياً، وقد وضعنا فيه قدراً كبيراً من الثقة وأوليناه احتراماً عظيماً." خلال تلك الفترة تمكّن محمد بن نايف من تحقيق حضورٍ مميز ولافت.
وعلى مدى السنوات الثلاث التالية، كانت المملكة ساحة معركة إذ هاجم تنظيم القاعدة أهدافاً شملت حتى مقر وزارة الداخلية في الرياض. وتم الاعتداء على مجمعات أخرى للأجانب، وخُطف أمريكي ثم قُطع رأسه. واشتبك إرهابيو القاعدة والشرطة في كل مدينة سعودية كبيرة تقريباً وفي العديد من البلدات الأخرى. كما تبع ذلك مزيدٌ من الهجمات على أهدافٍ أجنبية، بما في ذلك هجومُ كبير على القنصلية الأمريكية في جدة في 6 ديسمبر 2004، وخلال هذا الهجوم كان الإرهابيون على وشك أسر دبلوماسية أمريكية شابة. ولقي المئات حتفهم وأصيب عددٌ أكبر خلال هذه المعارك. وكانت هذه أطول حملةٍ متواصلة من الاضطرابات العنيفة واجهتها المملكة العربية السعودية في خمسين عاما، والتحدي الداخلي الأخطر الذي واجهه آل سعود منذ تأسيس الدولة الحديثة في العام 1902. وقبل أن تنتهي هذه الاضطرابات، كانت قد كلفت الحكومة أكثر من 30 مليار دولار.
تولى محمد بن نايف قيادة الهجوم المضاد. أصدرت وزارة الداخلية قوائم بأسماء إرهابيي القاعدة ممن هم مطلوبين بشدة لدى السلطات، وشرعت بعد ذلك تتعقبهم بلا هوادة. وكلما كان يتم القضاء على أيٍ من المذكورين في القائمة، سواء في المعارك أو الكمائن، كانت الوزارة تقوم بتحديث القائمة لتضمّ أسماءً أخرى لمقاتلين مطلوبين آخرين من تنظيم القاعدة. كانت أوقاتاً صعبة وخطيرة - فمعظم الأجانب الذين كان بوسعهم مغادرة المملكة غادروها، أو على الأقل أرسلوا عائلاتهم بعيداً. وكان محمد بن نايف يمثل واجهة الحرب السعودية على تنظيم القاعدة، ويظهر على شاشات التلفزيون وفي الصحف لشرح التهديد الذي كانت المملكة تواجهه.
كانت استراتيجية محمد بن نايف فعاّلة تتميّز بحدّتها، كذلك كان هو حريصاً على عدم الانخراط في عمليات تفتيش وتدمير ضخمة تربك النظام، والتي قد تؤدي إلى أضرارٍ جانبية، وتعطي انطباعاً بأن المملكة تحترق. كانت المطاردات هادفة وانتقائية وتفادت سقوط ضحايا من المدنيين، وابتعدت عن العنف الذي اتسمت به عمليات مكافحة الإرهاب في الجزائر في التسعينيات وفي العراق حالياً. وهكذا تمكنت الفرق الخاصة التابعة لوزارة الداخلية من مطاردة الإرهابيين والقبض عليهم دون التسبب برد فعلٍ سلبي بين الشعب. وقد أدرك الأمير ضرورة الحفاظ على التناسبية والتزام الحذر في مكافحة الإرهاب بطريقة سرية.
وبحلول العام 2007، بدت سيطرة محمد بن نايف ووزارة الداخلية على تنظيم القاعدة واضحة، وبدأ التهديد يتلاشى. خسر الجهاديون معركة السيطرة على القلوب والعقول في البلاد. وبينما تعاطف كثيرٌ من السعوديين مع معركة بن لادن ضد أمريكا، خاب أملهم عندما مات سعوديون أبرياء في هجمات تنظيم القاعدة ووصلت الحرب إلى بيوتهم. أخفق الإرهابيون في كسب التأييد الشعبي لقضيتهم، مما ألحق الهزيمة بهم.
استغرق الأمر ثلاث سنواتٍ للتغلب على تنظيم القاعدة داخل المملكة العربية السعودية، ولكنه لم يختفِ تماماً. وبدلاً من ذلك، انتشر كالسرطان في أنحاء كثيرة من الشرق الأوسط وفي أفريقيا. وفي العام 2009، ظهر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، خلفاً للتنظيم الذي هزمه محمد بن نايف في السعودية. وفي ديسمبر 2009، أرسل التنظيم عمر فاروق عبد المطلب، النيجيري الجنسية، لتفجير طائرة نورث ويست ايرلاينز، الرحلة 253، في يوم عيد الميلاد، في طريقها إلى ديترويت فوق منطقة جنوب أونتاريو. ولكن المتفجرات التي كانت مخبأة في ملابسه الداخلية لم تنفجر بالشكل الصحيح، وأوقفه أحد الركاب وأفراد طاقم الطائرة.
وإذ بقي محمد بن نايف حذراً من الخطر الذي لا يزال تنظيم القاعدة يشكله على المملكة، أعدّ شبكة من المخبرين، وأحبط أكثر من مؤامرة ضدَّ الولايات المتحدة. وعندما وضع تنظيم القاعدة قنابل على متن طائرات تابعة لشركتيْ UPS و FedEx كانت متجهة من اليمن إلى شيكاغو، عشية انتخابات الكونغرس الأمريكي في العام 2010، اتصل محمد بن نايف بالبيت الأبيض وقدَّم إلى جون برينان، مستشار الرئيس أوباما لشؤون الإرهاب، أرقام الحاويات القاتلة لمتابعتها. وقد تمّ توقيف هذه الطائرات بعد ذلك في كلٍ من دبي وشرق ميدلاند بالمملكة المتحدة، وأزيلت القنابل.
يُعد محمد بن نايف، بالإضافة إلى سمعته الدولية كرئيسٍ واسع الحيلة للأعمال الاستخباراتية، بطلاً في بلده نتيجة للحادث الذي كاد أن يكلفه حياته منذ ست سنوات. فقد وافق محمد بن نايف على لقاء عبد الله عسيري، أحد إرهابي تنظيم القاعدة، الذي قال إنه سيسلم نفسه للسلطات شرط أن يسلّم نفسه مباشرة إلى نائب وزير الداخلية السعودي. ووعد عسيري أنه إذا كان بوسعه لقاء الوزير وجهاً لوجه، فإنه سيكون بعد ذلك قادراً على إقناع رفاقه – (بمن فيهم شقيقه إبراهيم عسيري، أفضل صانع للقنابل في تنظيم القاعدة والذي جهَّز في وقتٍ لاحقٍ القنابل التي وضعت على الطائرتين المتجهتين الى ديترويت وشيكاغو) – على الاستسلام كذلك. وعندما جرى اللقاء يوم 27 أغسطس 2009، فجَّر عسيري قنبلة كلفته حياته، ولم تلحق بالأمير سوى جروح طفيفة. وبعد عدة ساعاتٍ، ظهر محمد بن نايف على شاشة التلفزيون ليروي القصة للشعب السعودي، من دون الدخول في التفاصيل.
وبعد بضعة أيام، اطَّلع ليون بانيتا، مدير وكالة الاستخبارات المركزية حينذاك، الذي كان يزور الرياض، على تفاصيل ما حدث. روى محمد بن نايف أنه جلس وعسيري على وسائد كانت تفترش الأرض بعد أن دخل هذا الأخير إلى مكتبه. وفجأة بدأ عسيري يرتعش ويبكي، ثم أخرج هاتفاً خلوياً من ثيابه قائلاً إنه يريد الاتصال بعائلته. وبعد مكالمة شديدة اللهجة مع شقيقه إبراهيم، أعطى الهاتف إلى محمد بن نايف، الذي استهل المحادثة بالتحية العربية التقليدية: السلام عليكم. وفي تلك اللحظة بالذات، فجَّر عسيري نفسه وتناثرت أشلاؤه إرباً إرباً. بيد أن المتفجرات، التي كانت مخبأة في جسمه، انفجرت نحو الأسفل وتركت حفرة حيث كان يجلس، ونجا الأمير محمد بن نايف.
كانت هذه هي المحاولة الرئيسية الثالثة على الأقل لاغتيال الأمير. ولكن هذه المحاولات الفاشلة عززت لديه العزم على قيادة هجوم المملكة العربية السعودية المضاد لتنظيم القاعدة. ولطالما تميزت شخصيته بحسٍ عالٍ بالالتزام، وهي صفة ورثها عن والده، الأمير نايف، الذي ظلَّ وزيرا للداخلية لمدة 37 عاماً.
وفي العام 2011، ارتقى والد محمد بن نايف، الأمير نايف، وأصبح ولياً للعهد، وأحدث هذا التطور الكثير من القلق في نفوس المسؤولين الأمريكيين، الذين لا يريدونه على العرش. وبدأ في العام نفسه الربيع العربي، ورحّب الكثيرون في الغرب بما كان يبدو إطاحة سلمية للأنظمة الاستبدادية في تونس ومصر، مع ما رافق ذلك من احتجاجاتٍ في أماكن أخرى في المنطقة، بما في ذلك مملكة البحرين، جارة المملكة العربية السعودية. كان الأمير نايف، مثل الكثيرين ممن هم في السلطة في المنطقة، مذعوراً من ما كان يحدث، ومغتاظاً عندما ضغط الرئيس أوباما على حسني مبارك ليتنحى عن رئاسة مصر. وشجع الأمير نايف التدخل السعودي في البحرين لدعم العائلة المالكة السُنية هناك التي كانت تواجه اضطرابات وسط غالبيتها الشيعية. وأعقب ذلك قمعٌ عنيف، وجرى سحق حركة الإصلاح هناك. ورغم الاحتجاجات الأمريكية الصامتة، لا تزال القوات السعودية على أرض جزيرة البحرين حتى هذا اليوم.
أما في السعودية، فقد حثَّ الأمير نايف أخاه غير الشقيق، الملك عبد الله، على الرد على مطالب التغيير من دون مساومة. ولكن الملك عبد الله اتخذ موقفاً أكثر مرونة، علماً بأنه قام على مدى سنواتٍ بإدخال إصلاحات محدودة ولكن بحذر وعلى مراحل. وفي عهده، أتيحت لعدد أكبر من النساء السعوديات فرصة الحصول على التعليم العالي وعلى شغل بضع الوظائف الحكومية من المستوى المتوسط على الأقل. وكانت هناك تلميحات بأن النساء في السعودية قد يُسمح لهن في يومٍ من الأيام بقيادة السيارات. وعيَّن أيضاً مجالس تمثيلية كانت لها كلمتها في الشؤون البلدية. كما خصص أكثر من مئة مليار دولار كنفقات جديدة لتحسين أوضاع الطبقات الدنيا والوسطى في السعودية.
لكن الإصلاحات التي أدخلها الملك عبد الله لم تمسّ أبداً بثوابت النظام السعودي. فوزارة الداخلية، التي يتولى إدارتها حالياً محمد بن نايف، قمعت من دون رحمة المعارضين وسجنت كل من ينادي بالإصلاح. لقد كان محمد بن نايف يتمتع بالدهاء في ما يتعلق بالتهديدات الإرهابية في المملكة، ولكنه لم يظهر قدرة مماثلة بشأن مخاطر منع مواطني المملكة من التعبير عن آرائهم بحرية. وعليه، فإن إصلاحات الملك عبد الله جرى تدريجياً عكس اتجاهها أو تعطيلها. وهكذا، أحبط الرجعيون مرة أخرى الإصلاحيين.
تدهورت صحة الأمير نايف في العام 2012. وعندما توفي في شهر يونيو من ذلك العام في جنيف، عن عمرٍ يناهز 78 عاماً، تنفّست واشنطن الصعداء وشعرت بالتفاؤل بشأن العمل مع ابنه محمد بن نايف، الذي كان بحلول ذلك الوقت قد ارتدى بالفعل عباءة أمير مكافحة الإرهاب.
لقد كان محمد بن نايف ملماً بأحدث التكتيكات المبتكرة في مجال مكافحة الإرهاب، وخاصة في ما يتعلق بالجهود الرامية إلى إعادة تأهيل الإرهابيين الذين إما ألقت الشرطة القبض عليهم أو انشقوا عن الجهاز الإرهابي بسبب خيبة الأمل من القضية الجهادية. وتدير وزارة الداخلية اليوم خمسة سجونٍ تحت حراسةٍ أمنية خاصة مشددة تضم حواليْ 3,500 سجين، جميعهم تقريباً عناصر سابقة في تنظيم القاعدة. ولم يكن الهدف من هذه السجون اعتقالهم، وإنما إعادة تأهيلهم. يُغدق على السجناء بالإكراميات، ويُسمح لأقاربهم بزيارتهم، كما يُسمح لهم بحضور حفلات الزفاف والمشاركة بتشييع الجنازات وسط حراسة. وتتلقى أسرهم مساعداتٍ مالية خاصة من الحكومة لتحسين ظروفهم من سكنٍ ورعاية طبية وتعليم. والهدف من ذلك هو جعل عائلات الإرهابيين السابقين مسؤولة عن مستقبل أبنائها. ويقوم ذلك على نظريةٍ مفادها أنه إذا شعرت العائلة بفائدة إعادة تأهيل أبنائها الضالين، فستقنعهم بأنهم قد ضلوا الطريق.
وتعترف وزارة الداخلية بأن 20 بالمئة من "خريجي" سجون إعادة التأهيل في السعودية يعودون إلى الإرهاب، ولكن هذه النسبة أقل بكثير من تلك في سجون الولايات المتحدة وأوروبا.
ومع ذلك، تشوب النظام الذي طبقه الأمير محمد بن نايف، الذي غدا الآن ولياً للعهد، عيوبٌ كبيرة. فكونه يرأس وزارة الداخلية المهيبة (تولى الوزارة في العام 2012)، فهو، كوالده، يمثل الوجه العلني للقمع في المملكة. فالمنشقون في أرجاء دول الخليج يتهمونه بترويج نسخة القمع "باكس سعوديانا"، لأن النظام الملكي لا يزال يعامل كافة أشكال المعارضة على أنها إرهابٌ.
إن حجم قمع الحكومة لمختلف أشكال المعارضة قد أثار بحق أسئلة جديدة حول الحكمة من المحافظة على علاقاتٍ وثيقة بين آل سعود والولايات المتحدة وغيرها من الديمقراطيات الغربية. ودعت مجلة "ذي إيكونوميست" إلى وضع حدٍ لاستمرار هذا الوضع مع المملكة واتباع نهجٍ أكثر صرامة لتشجيع الشفافية والمساءلة في السياسة السعودية. ففي افتتاحيةٍ لها عقب تولي الأمير سلمان عرش المملكة، بعنوان "حلفٌ غير مقدس"، كتبت هذه المجلة أن "الوهابية (أي السعوديين) تغذي المخاطر التي تهدد ليس العالم الخارجي فحسب، ولكن السلالة نفسها" من خلال تشجيع التطرف.
كان الرئيس أوباما مؤيداً قوياً للمملكة، وكانت المكان الأول في الشرق الأوسط الذي زاره بصفته رئيساً للبلاد. ولكنه قال إنه رغم التهديدات الخارجية الحقيقية التي يواجهها السعوديون، بما في ذلك إيران، فالتهديد الداخلي هو الأكثر خطورة. فسكان المملكة "في بعض الحالات مستبعدون، والشباب يعانون البطالة، وتسود أيديولوجية هدّامة وعدمية، واعتقاد بغياب مَخْرجٍ سياسي مشروع للمظالم." ووعد الرئيس بإجراء "محادثاتٍ حازمة" مع القيادة (السعودية) بشأن تحرير بعض سياساتها.
ولكن بدلاً من ذلك، قرّب الملك سلمان المملكة من المؤسسة الوهابية. فبعد فترةٍ وجيزة من توليه العرش، طرد الملك المرأة الوحيدة المعيَّنة بمستوى وزير في مجلس الوزراء لمطالبتها بإدخال حصصٍ للتربية البدنية للفتيات مما جعلها هدفاً للمتشددين. كما التقى الملك سلمان في كثيرٍ من الأحيان مع أعضاء رجعيين من النخبة الدينية المعروفين بتحفظهم الشديد. وكان قد سبق وأقام معهم علاقات وثيقة خلال الخمسين عاماً التي كان فيها أميرَ الرياض، وهي فترة تطورت فيها المدينة وازداد عدد سكانها من حوالي200 ألف إلى أكثر من 7 ملايين نسمة، ولكنها حافظت على مكانتها باعتبارها المدينة الأكثر محافظة في العالم الإسلامي.
يُعد المذهب الوهابي السائد في المملكة الأكثر أصولية في الإسلام السُني، إلا أنه بات الآن محاطاً بمتطرفين دينيين أكثر تشدداً وغلواً، وأشد كراهية للأجانب، وأكثر عنفاً. فالمشاهد المروعة التي أظهرتها الدولة الإسلامية في العراق وسوريا في العام 2014 تمثل تحدياً جديداً للعالم، ولا سيما لمحمد بن نايف ولبرنامجه في مكافحة الإرهاب. أعدّت الدولة الإسلامية حملةً متعددة الجوانب للعودة بصفتها وريثة تنظيم القاعدة في بلاد ما بين النهرين، الذي توارى عن الأنظار خلال تدفق القوات الأمريكية إلى العراق في العام 2007، وظهر مجدداً بعد انسحاب القوات الأجنبية. ففي العامين 2012 و2013 بدأت باستهداف السجون العراقية حيث كان يقبع إرهابيو القاعدة، وبتهيئة بُنية تحتية في دولة سوريا المجاورة تساعدها على الانبعاث مجدداً. وفي صيف العام 2014 شنت هجوماً يشبه الحرب الخاطفة عبر المناطق العراقية التي يقطنها المسلمون السُنة واستولت على الموصل، ثاني أكبر مدينة في البلاد، وأعلنت إنشاء خلافة تحكم المسلمين كافةً.
في نوفمبر 2014 أعلنت الدولة الإسلامية أنها تهدف إلى السيطرة على مسجديْ مكة المكرمة والمدينة المنورة وطرد "رأس الحية" - العائلة المالكة السعودية. وحمل غلاف المجلة التي تصدرها باللغة الإنجليزية صورة للكعبة ترفرف فوقها راية الدولة الإسلامية السوداء. وهاجم مسلحو الدولة الإسلامية المواقع الأمنية السعودية على طول الحدود العراقية، وأرسلت انتحارييها لمهاجمة المساجد الشيعية داخل المملكة لتأجيج العداء الطائفي. ورداً على هذا التهديد، اعتقلت وزارة الداخلية المئات من عناصر الدولة الإسلامية، وبدأت ببناء سياج أمني أو جدار بطول 600 ميل على امتداد الحدود السعودية العراقية، مماثلٍ لجدار الألف ميل الذي شيّدته على طول الحدود السعودية اليمنية لصد هجمات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
توفي الملك عبد الله في شهر يناير من هذا العام، بعد حكمٍ امتد على نحو 20 عاماً، كان في بدايته ولياً للعهد، علماً بأنه ملأ مكان الملك فهد، العاجز صحياً، قبل أن يصبح ملكاً بكل معنى الكلمة. كما توفي في عهده إثنان من أولياء العهد، الأمير سلطان والأمير نايف. وقد حاول الملك عبد الله التحضير لخلافةٍ منظمة. ففي شهر يوليو 2012 عيّن أخاه غير الشقيق الأمير مقرن نائباً لرئيس الوزراء، الثاني في الترتيب بعد ولي العهد الأمير سلمان، الذي أصبح الملك الآن، وهو أيضاً أخ غير شقيق، علماً بأن الأمير مقرن كان مقرباً جداً من الملك عبد الله وإصلاحاته.
تشكل وفاة الملك عبد الله معْلماً رئيسياً في تاريخ المملكة. فقد كان إصلاحياً وفقاً للمعايير السعودية، وشهد حكمه الذي امتد لفترةٍ أطول من فترات حكم أيٍ من إخوته، أوقاتاً عصيبة. وكان خليفته المعين، الأمير سلمان، أصغر منه سناً بـ 13 عاماً. وما إنْ جلس الملك سلمان على العرش، عيّن الأمير مقرن ولياً للعهد، كما كان متوقعاً، والأمير محمد بن نايف نائباً لرئيس الوزراء، أي الثاني في ترتيب الخلافة. وكان من المفترض أن يصبح الأمير مقرن، المولود في العام 1945، والابن رقم 35 لابن سعود، ملكاً في يوم من الأيام، وأن يكون أمام الأمير محمد بن نايف بضع سنواتٍ، يستعد خلالها للارتقاء إلى سدة الحكم ويهيئ البلاد لنقل الحكم من أبناء ابن سعود إلى أحفاده.
ثم شهدت الأسرة الحاكمة بعد ذلك تعديلاً مذهلاً وغير مسبوق. ففي الساعة الرابعة من صباح يوم 29 أبريل، أقال الملك سلمان الأمير مقرن وعيَّن مكانه الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد، كما عيَّن ابنه، الأمير محمد بن سلمان، ثانياً في ترتيب الخلافة. وحتى اليوم، لم يُعطَ أيّ تفسيرٍ لهذه الإقالة غير المسبوقة. وأشارت تكهنات قوية إلى أن الملك سلمان أجرى هذا التغيير لأن الأمير محمد بن نايف لا أبناء ذكور لديه (فقط ابنتان)، مما يعني أن محمد بن سلمان - الذي تقول بعض المصادر أنه لم يبلغ بعد الثلاثين من عمره – ستكون فرصته بوراثة العرش في يومٍ ما أفضل. ويتكهن البعض أن الأمير محمد بن نايف سيلاقي، عاجلاً أم آجلاً، المصير نفسه لضمان وصول محمد بن سلمان إلى رأس المملكة.
أثار طموح الأمير محمد بن سلمان نفور العديد من زملائه الأمراء. وذاع صيته كشخصٍ متغطرس وقاسٍ، فقد كان يسيطر على السياسة النفطية، ولكن افتقاره التام للخبرة في مجال صناعة الطاقة كان واضحاً جداً. ومع ذلك، تجلّت نقطة ضعفه الرئيسية في ظهوره، وفي دوره كوزيرٍ للدفاع، وفي كونه القوة الدافعة والمدافع علناً عن السياسة السعودية تجاه الدولة الجارة، التي تعاني فقراً مدقعاً وتفتقر إلى الاستقرار السياسي في شبه الجزيرة العربية، ألا وهي اليمن.
طالما شكلت دولة اليمن شوكة دائمة في خاصرة المملكة العربية السعودية. فقد دخل الملك عبد العزيز بن سعود في حربٍ مع اليمن في العام 1934. واستولت جيوشه على جزءٍ كبير من السهل الساحلي المنخفض على طول البحر الأحمر، ولكنه لم يستطع غزو المناطق الجبلية الداخلية من البلاد. وبموجب معاهدة للسلام بين الدولتين، تنازلت دولة اليمن عن العديد من محافظاتها الحدودية للمملكة، بالتالي شهد اليمن دوماً حركة تحررية. وفي ستينيات القرن الماضي، دعم السعوديون ملوك (أئمة) الطائفة الزيدية الشيعية، الذين حكموا اليمن، ضد حركةٍ جمهورية دعمتها مصر، وكانت تهدد بإسقاط جميع الممالك في شبه الجزيرة العربية.
ولكن في شهر مارس من هذا العام، شنَّ السعوديون غارات جوية على الحوثيين، وهم المتمردون من الطائفة الزيدية الشيعة الذين أطاحوا بالحكومة الموالية للسعودية في صنعاء في الخريف الماضي وسيطروا على أجزاء كبيرة من البلاد. ولم يُصبْ السعوديون بالهلع فعلاً إلا حين اتخذ الحوثيون الزيديون قراراً بتسيير رحلات جوية مباشرة إلى طهران (الأمر الذي يُعتبر سابقة)، وعرضوا على إيران استخدام ميناء الحديدة، وتفاوضوا على صفقة نفط ٍ بسعرٍ رخيص مع إيران. ودعمت الدول العربية الأخرى جميعها في منطقة الخليج، باستثناء سلطنة عُمان، الرياض لشنّ حربها الجوية على اليمن. وشارك الأردن والمغرب ومصر أيضاً المملكة العربية السعودية في المجهود الحربي، ولكن دولة باكستان، التي لطالما كانت حليفةً للسعودية، رفضت المشاركة.
تقدم الولايات المتحدة مساعدة استخباراتية ولوجستية في هذه الحرب، رغم أنها لم تحصلْ على إشعارٍ من الرياض سوى قبل بضع ساعاتٍ من بدء الضربات الأولى. أطلق السعوديون في البداية على هذه الحملة اسم "عاصفة الحزم"، متعمدةً إرجاع صدى حرب الولايات المتحدة ضدَّ نظام صدام حسين وطرد قواته من الكويت في العام 1991. وتعدَّ هذه الخطوة إلى حدٍ بعيد الأكثر حزماً في السياسة الخارجية في تاريخ المملكة الحديث. فالتدخلات السعودية السابقة في اليمن كانت تُدرج في خانة الشؤون السرية الخفية. يقدّم الملك سلمان القوة العسكرية السعودية بطريقةٍ جريئة لم يسبق لها مثيل منذ أيام والده الملك عبد العزيز بن سعود في ثلاثينيات القرن الماضي. إن الرهانات عالية حقاً.
إلا أن المغامرة في اليمن تبدو متعثرة حتى الآن . ويبدو أن الحرب تسير نحو طريقٍ مسدود. وتسيطر المملكة العربية السعودية وحلفاؤها على المجال الجوي اليمني والمياه الساحلية وميناء عدن الجنوبي، في حين يسيطر الحوثيون الزيديون وحلفاؤهم على معظم شمال اليمن.
وفي الوقت ذاته، يخلق الحصار السعودي كارثة إنسانية لـ 25 مليون يمني، وتصب الحرب في مصلحة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وأثناء محاربة السعوديين للحوثيين، سادت الفوضى في معظم شرق اليمن أكثر من المعتاد، مما سمح لتنظيم القاعدة بالسيطرة على أجزاء كبيرة من محافظة حضرموت في جنوب شرق البلاد، حيث عاش والد بن لادن وعائلته قبل أن يهاجروا إلى المملكة في ثلاثينيات القرن الماضي.
تركت حرب اليمن، التي تُعتبر أول اختبارٍ كبير لسياسة الملك سلمان الخارجية، آثاراً عميقة على استقرار المملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية والمنطقة ككل. فالحرب لها بعدٌ طائفي سنيّ - شيعي، كما تشكل ساحةً للصراع السعودي الإيراني الأوسع. وعلاوة على ذلك، ولأن الحرب تتعلق، جزئياً، بالتطلعات اليمنية لتشكيل حكومة أكثر شمولية، فهي تمثل في الواقع العمل غير المنجز من الربيع العربي، الذي قاوم السعوديون نجاحه بضراوة.
ومن المرجح أن يجتذب الصراع المزيد من اللاعبين بسبب طول مدته، وأن ينتشر إلى دولٍ أخرى خارج اليمن. وبالفعل أثار هذا الصراع اشتباكاتٍ عنيفة بين قوات وزارة الداخلية بقيادة الأمير محمد بن نايف والميليشيات الشيعية في المنطقة الشرقية في السعودية.
باختصار، يمكن لحرب اليمن في نهاية الأمر أن تكون بقعة سوداء تلطخ عهد الملك سلمان، وتدمر طموحات كلٍ من الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان. ونظراً لربطه شخصه بالمجهود الحربي، وبصفته وزيراً للدفاع، فإن الأمير محمد بن سلمان لديه الكثير ليخسره. وهو لا يزال يحظى حتى الآن باهتمام والده، وقد مثَّله في زياراتٍ إلى روسيا وفرنسا. وعندما ألغى الملك سلمان فجأة خططاً للقاء الرئيس أوباما في كامب ديفيد، إظهاراً لاستيائه من خطة الرئيس الأمريكي للتوصل الى اتفاقٍ نووي مع إيران، بعث الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان لينوبا عنه في اللقاء. وحينذاك ضغط أوباما عليهما لإدخال إصلاحات، إلا أنه دعمهما في حربهما (في اليمن). وعندما حضر الملك سلمان أخيراً الى واشنطن، كانت المحادثات وجيزة وكان تركيز الجمهور السعودي على الأمير محمد بن سلمان أكثر من والده.
قد يكون محمد بن نايف ولي العهد الأكثر تأييداً للولايات المتحدة، وهو على الأرجح ضابط المخابرات الأكثر نجاحاً في العالم العربي اليوم. فبانيتا، على غرار تينيت، أشاد بقدرات الأمير محمد بن نايف قائلاً عنه: "إنه الأذكى والأكثر خبرة في أبناء جيله." وربما كان الملك فهد فقط، الذي شغل أيضاَ في السابق منصب وزير الداخلية، من يتمتع بميلٍ فطري شديد لدعم المصالح الأمريكية. وعلى عكس والده، يبدو الأمير محمد بن نايف مرتاحاً تماماً للعمل بشكلٍ وثيق مع الأمريكيين. وفي كامب دايفيد، بدا منسجماً مع الرئيس أوباما. وكان العاملون معه قد ألقوا القبض مؤخراً على العقل المدبر لهجوم حزب الله السعودي في العام 1996 على ثكنةٍ عسكرية للولايات المتحدة في الخبر بالمملكة العربية السعودية الذي أسفر عن مقتل 19 عسكرياً أمريكياً. وكان الأمير محمد بن نايف قد تولى أصلاً مسؤوليات أكثر من أي سعودي من أبناء جيله، ومن المرجح أن تَثقل أعباؤه مستقبلاً، بالنظر إلى الفوضى المنتشرة في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وهو يعلم أنه يحتاج إلى حلفاء.
ولكن يجب على واشنطن ألَّا تتوهم أن الأمير محمد بن نايف سيأخذ بمشورة الغرب لإدخال إصلاحات إلى المملكة. فالمملكة العربية السعودية لا تخفي أنها المناوئ الرئيسي لكل ما يؤيده الربيع العربي منذ أن بدأت أحداثه في العام 2011 ولكل ما رحب به الكثيرون في الغرب. وكان السعوديون قد ساعدوا في تدبير انقلاب عام 2013 في مصر، الذي أعاد الحكم العسكري لأكبر دولةٍ عربية وسدَّد ضربة قاضية للربيع العربي. صحيحٌ، إنهم ماهرون في مكافحة الإرهاب، إلا أنهم أيضاً معارضون للثورات لا يعرفون الخجل.
المملكة العربية السعودية هي النظام الملكي المطلق الكبير والأخير في العالم. وهي لن تشهد أحداثاً شبيهة بما قام به جورباتشوف (تفكك الاتحاد السوفياتي)، لأن العائلة المالكة لن تتخلى عن سيطرتها على الدولة، كما أنها لن تخفف من علاقاتها مع الوهابيين ومذهبهم. فالملك سلمان، وولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكل من تبقى من المؤسسة السعودية تقريباً، يعتقدون أن استمراريتهم لفترةٍ امتدت لأكثر من قرنين ونصف القرن من الزمان، في خضم السياسة المضطربة في الشرق الأوسط، لا يُعزى إلى تصميمهم الصلب على البقاء ملوكاً مطلقين فقط، بل إلى تحالفهم مع رجال الدين الوهابيين.
لقد صمد آل سعود أكثر من العثمانيين، والناصريين، والشيوعيين، والبعثيين، ومن معظم الأسر الملكية الأخرى. وفي العام 1979، ظنَّ كثيرون أن هذه العائلة ستنتهي كما انتهى شاه إيران. بيد أنني توقعت، منذ كنت شاباً أعمل بوظيفة محلل لدى وكالة الاستخبارات المركزية مختص بالملف السعودي، أن أفراد هذه العائلة سيصمدون لعدة عقودٍ مقبلة. لذا فمن السابق لأوانه التحدث عن نهايتهم، ولكن أظن أن الوقت تأخر جداً لنتوقع منهم التغيير.
بروس ريدل: هو زميل أول ومدير مشروع الاستخبارات في بروكنجز، وهو جزءٌ من مشاريع مركز بروكنجز للقرن الـ 21 لشؤون الأمن والاستخبارات. وبالإضافة إلى ذلك، يعمل ريدل كزميل أول في مركز سياسات الشرق الأوسط. وقد تقاعد في العام 2006 بعد ثلاثين عاماً من الخدمة في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، تولى خلالها وظائف عديدة في الخارج. وكان أحد كبار المستشارين في ما يتعلق بشؤون جنوب آسيا والشرق الأوسط لآخر أربعة رؤساء في طاقم موظفي مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض. كما شغل منصب نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في البنتاغون، ومنصب كبير المستشارين في منظمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل.
والآن يمكنك أيضاً قراءة "المؤمن" - وهو مقال يروي سيرة أبو بكر البغدادي، زعيم الدولة الإسلامية، بقلم ويليام مكانتس، الزميل في بروكنجز. ويقدم مكانتس تفاصيل تحولّ البغدادي إلى متطرف في عهد صدام حسين، وسعيه إلى أن شقّ طريقه إلى السلطة بعد الاتصال بمتطرفين آخرين في أحد السجون الأمريكية خلال حرب العراق، مما أسفر في نهاية المطاف عن إعلانه عن ولادة إمبراطورية إسلامية مصممة على غزو العالم.
للمزيد من المقالات والدراسات المتعلقة بالشرق الأوسط، تابعوا صفحة مركز بروكنجز الدوحة على موقع الفيسبوك.
على غرار المنشورات الأخرى الصادرة عن معهد بروكنجز، فإن الهدف من مقال بروكنجز هو المساهمة في إثراء النقاش وتحفيز الحوار حول القضايا الهامة، علماً بأن الآراء الواردة فيه تعبر عن رأي المؤلف فقط.